![]() |
إذا نظرتَ مليّاً إلى خارطة شبه الجزيرة العربية الطبيعية، بدا لك لأول وهلة بقعة كبيرة من اللون الأحمر تتربع في وسطها، هي عبارة عن فراغ صحراوي رملي يقع في اتجاه الجنوب إلى الشرق، ويمتد لسانه إلى الشمال حيث يكوّن فواصل طبيعية بين إقليمي نجد والبحرين. وأما تلك المساحة فقد أطلقوا عليها اسم « الربع الخالي » التي يؤلف لسانها الضارب إلى الشمال كلاًّ من صحراء الدَّهناء والصمان، وهما عبارة عن نفوذ رملية تتخللها الهضبات والتلال، يقطعها المسافر في اتجاه نجد سابقاً في مدة ثلاثة أيام بلياليها، فكان يدّخر الماء ويقتصد في استعماله، وكأنه بعمله هذا يغالب الطبيعة التي قَسَت على هذه البقعة فحَرَمتها من نعمة الحياة والأحياء.
تنحدر مرتفعات لسان هذا التِّيه من الربع الخالي، وتتلاشى هضباتها عند الشاطئ الزمرّدي حيث تغتسل رمالها الصفراء بمياه الخليج الخضراء الدافئة. وعلى طول هذا الساحل الأجرد الذي يمتد مسافة 350 ميلاً حتى حدود الكويت تستقر في زاوية منه واحةُ القطيف الخضراء على بعد 50 درجة من خطوط الطول، تستقبل المُصحِرَ المكدود الذي تصادى نداء الطبيعة في أذنيه قائلاً: إنّ تيه الصحراء وراءك، وغمر البحر أمامك، وقد أمدّتك العناية الإلهية بقطعة من الفردوس لتتفيأ ظلها الظليل، وتأكل من ثمرها الجني، وتشرب من ينابيعها الثرّة، لتشكر رباً أنزلها عليك من السماء. تلك الرقعة الخضراء الرابضة على الساحل الغربي من الخليج بنخيلها الباسق.. هي واحة القطيف، تحتضن المدينة التاريخية التي شهدت أمماً كثيرة، ووَعَت أحداثاً جمّة، وانبثقت على صعيدها حضاراتٌ شتى.
القَطيف بفتح أوّله وكسر ثانيه « فَعيل » مشتقّ من القَطْف، وهو القَطْع من العنب ونحوه، كما يضبطها ياقوت الحموي في معجمه. ولعل اسمها في الأصل مُحرّف كيتوس Cateus الاسم القديم الذي ذكره مؤرخو اليونان لهذه المنطقة، والذي يشير بكل وضوح إلى اسمها الحالي.
ويطلق على هذه المنطقة [1] التي تمتد من البصرة إلى عُمان أسماء كثيرة، وتشمل هذه الأسماء كلاًّ من الأحساء وجزيرة الخَطّ لاشتراكهما معها في تاريخ سياسي واحد، وتختص الأحساء الآن باسم هَجَر، ويطلق اسم الخطّ على القطيف.
ويُرجِع بعضُهم اشتقاقَ كلمة « الخَطّ » إلى لفظة كتني Chateni، وهو اسم جماعة كانت تسكن هذه المنطقة في قديم الزمان [2] ، وقد عُرفت أيضاً مدينة بهذا الاسم بناها أرْدَشِير بن بابك ( 226 ـ 241 م ) في هذه المنطقة واشتهرت به حتى بعد ظهور الإسلام. على أن كلمة الخطّ اسمٌ يشمل الساحل الشرقي من شبه الجزيرة العربية الذي يبتدئ من البصرة وينتهي إلى عُمان، فهو اسم يطلق على هذه المنطقة كلها تقريباً [3] .
ويذكر الدكتور عبدالوهاب عزّام أن هذا الساحل كان يسمّى القطيف قبل أن يَغلِب عليه اسم الخَطّ. ويذكر صاحب التعريفات الشافية أن الخليج كان يسمّى بحر القطيف. أما شبرنكر فينصّ على أنه كان يسمّى خليج القطيف، قبل أن يعرف بأي اسم آخر [4] . وعلى هذا التحديد يمكننا أن نقول بأن هذه البقاع الواقعة على الضفة الغربية من الخليج كانت كلها من مناطق هذه المدينة.
تلتقي على صعيد هذه المنطقة المظاهرُ الطبيعية الثلاثة: البحر والجبل والصحراء، فمِن الشرق والجنوب تكتنفها مياه الخليج، ومن الغرب والشمال تحتضنها رمال الصحراء بهضباتها الرملية، ومن الجنوب على مقربة من خليج قطر أو خليج جرّا ـ كما يسمّى قديماً ـ تنتثر قمم جبل الظهران على بعد 36 كم وعلى ارتفاع ما يقرب من 298 قدماً عن سطح البحر.
وتتكون صحاريها في الأغلب من تلال رملية صفراء، يبلغ ارتفاعها في بعض الأحيان عشرات الأمتار، وتتخذ أشكالها في الأكثر شكل حذاء الفرس. وهي غير ثابتة ولا مستقرة، إذ نراها تنتقل من محل إلى آخر متجهة نحو الجنوب بتأثير الرياح الشمالية العاتية، وأحياناً تزحف بالقرب من الواحة فتغطي مساحة كبيرة من بساتينها، حتّى لا يُرى منها إلا كرانيف النخل، ولكنها ما تلبث أن تنحسر في سنوات قليلة لتنتقل إلى جهات أُخرى ميمّمة شطر الجنوب. وإذا هطل الغيث اكتست سهولها بحُلَل خُضر، فتنتجعها البُداة لرعي إبلهم ومواشيهم، غير أنها سُرعانَ ما تجفّ حين تهبّ الرياح الموسمية الحارّة فتحيلها إلى قاعٍ صفصف.
أما جبل الظَّهران فهو يتكون من هضبات تتألف في الأغلب من صخور مُتفتّتة بتأثير العوامل الجيولوجية، الأمر الذي استُدل به على وجود البترول. وهناك هضبتان أُطلق على الأولى اسم جبل المذرى الشمالي والأُخرى جبل المذرى الجنوبي، وتوحي أشكالهما المخروطية المستديرة بأنهما من صنع الإنسان كما دلت عليه المكتشفات حديثاً، إذ وُجِد فيهما مقابر قديمة يرجع بناؤها إلى عهود سحيقة.
ويبلغ طول سواحلها التي تمتد من قطر إلى رأس مِشْعاب 350 ميلاً تقريباً. تتألف أغلب هذه السواحل من شواطئ رملية متعرّجة، وفيها ثلاثة أخوار صالحة للملاحة، ففي مبتدأ خط الشاطئ من الجنوب عند حدود قطر يقع خليج جرّا، وهو كبير تقع في مدخله جزائر البحرين، وفيه مرفأ عقير، وهو قليل العمق تكثر فيه الصخور والشعاب المرجانية. ثم يليه خليج كيبوس المحاذي لمدينة القطيف، والذي تقع فيه جزيرة تارُوت، وهو الذي تردّد ذكرُه في كتب المؤرخين اليونانيين، وهو غير صالح لرسوّ السفن الكبيرة. ثم بعده إلى الشمال يقع خليج المسلمية باقرب من الجبيل، وهو مسدود من جهة البحر تقريباً بجزيرة أبي علي، وفي وسطه تقع جزيرة جنة وعلى مقربة منها تقع جزيرة المسلمية، وفي الشمال أيضاً يقع خليج صغير بين منيفه ورأس التناقيب.
ويشذ عن امتداد الساحل رؤوس، لها أهمية تكثر أو تقل بالنسبة لموقعها.. أهمها رأس تَنّورة الواقع في الطرف الشمالي من خليج كيبوس، وهو ممتد في داخل البحر إلى مسافة تستطيع السفن التجارية الضخمة وناقلات البترول أن تقرب منه، ثم رأس السفانية ورأس مِشعاب، ثم رأس الزّور ويليه رأس القليعة عند حدود الكويت، وكلاهما يقعان في المنطقة المحايدة.
تقع مدينة القطيف على الساحل الشرقي من شبه جزيرة العرب على بعد 50 ( درجة ) من خطوط الطول شرقاً، و 26 ( درجة ) و 32 ( دقيقة ) من خطوط العرض شمالاً. وكان يُطلق على هذه المدينة اسم الخَطّ أيضاً، وإليها نُسب الشاعر جعفر الخطّي، كما ورد تحديدها في شعر علي بن المقرب الأحسائي المتوفّى سنة 629 هـ:
والخطّ من صفواء حازوها فما أبقَوا بها شـبراً إلى الظَّهرانِ
وكانت مدينة القطيف القديمة تبعد عن الساحل مسافة ميل كما يذكر المسعودي، وقد ذكرها ياقوت في معجمه فوصفها بأنها مدينة بالبحرين.. هي اليوم قصبتها وأعظم مدنها. ووصفها ابن بطوطة في رحلته.. بأنها مدينة حسنة ذات نخل كثير، وقد كانت عاصمة إقليم البحرين في أدوار مختلفة، ففي القرن الأول والثالث والتاسع الهجري كانت عاصمته وأزهى مدنه، وإليها كانت تُنسب الرماح الخطيّة الشهيرة، وقد تردّد اسمها كثيراً في الشعر العربي. قال عمر بن أسوي:
وتَرَكنَ عَنترةً يقـاتل بعدها أهلَ القطيفِ قتال خيل ينقعُ
وقال حمل بن المعنى العبدي:
نصحتُ لعبد القيس يوم فقد كان في أهل القطيف فوارس |
قطيفهاوما خير نصحٍ بعدُ لم يُتقبَّلِ حماة إذا ما الحرب شدّت بيدبلِ |
تتراوح درجة الحرارة فيها ما بين 40 ( درجة ) إلى 110 ( درجات ) ف أي ما بين 5 إلى 44 سنتغراد تقريباً، وتبدأ الحرارة في الارتفاع ابتداءً من أبريل « نيسان » حتى تصل نهايتها في شهر يوليو واغسطس « تموز وآب »، وتهبط ابتداءً من سبتمبر « أيلول »، وموسم البرد فيها ما بين نوفمبر ومارس « تشرين الثاني ـ أذار ».
وترتفع أرضها على سطح البحر بضعة أقدام، ويتراوح الجَزْر والمدّ على سواحلها مرتين في اليوم، فإذا كان الجزر انحسر الماء عن شواطئها لمسافة بعيدة واستُعملت المواصلات البرية بينها وبين جزيرة تاروت. ويبلغ المدُّ مداه مرتين في الشهر في أوّله وفي منتصفه حتّى يحاذي أراضيها الساحلية، لذلك كان هواؤها في الغالب مشبعاً بالرطوبة.
أما إذا كان مجرى الهواء من الغرب أو الشمال فالطقس فيها يصبح جافاً، لوفوده من الصحراء. والغريب من أمر هذه المنطقة أن الحرارة ترتفع في فصل الشتاء بعض الأحيان بواسطة الرطوبة حتى إلى استعمال الملابس الصيفية، وذلك حين تكثر الرطوبة ويهب الهواء البحري، وهو ما اصطلحوا على تسميته « بالكوس ».
تحيط قصبتَها واحةٌ عظيمة من أشجار النخيل وأنواع الفاكهة تبلغ مساحتها من الشمال إلى الجنوب تقريباً 18 ميلاً ومن الشرق إلى الغرب 3 أميال، ويظهر أنها كانت فيما مضى من الزمن أكثر سعة وامتداداً، فقد روى أبو الفداء المتوفّى 732 هـ في كتابه ( تقويم البلدان ) نقلاً عن بعضهم أنها أكبر من الأحساء. ويرجع السبب ـ كما يظهر ـ في تقلّص مساحتها إلى زحف رمال الصحراء على بساتينها ومزروعاتها من جهة، وإلى اضطراب حبل الأمن وارتباك الأوضاع السياسية في الأيام الغابرة من جهة أخرى.
ويحدث بعض المعمَّرين أنهم كانوا في أيام شبابهم يقفون قرب النزهة [5] ويرون البر. ويدل على تقلص مساحتها ايضاً ما نجده من أطلال وبقايا أحجار في تلك الصحارى، مما يدل على أنها بقايا قرى كانت عامرة، وكذلك وجود العيون البرية على مسافات شاسعة من الواحة. ويقال إن تلك الصحارى التي تفصل الأحساء عن القطيف كانت كلها آهلةً بالسكان وبالقرى والواحات، بل يذهبون إلى أبعد من ذلك فيقولون إن الماشية السائبة كانت تنتقل من مدينة القطيف بين القرى والواحات حتى تصل إلى مدينة الأحساء.
وهذا القول إذا حملناه على المبالغة فمما لا شك فيه أنه يدل إجمالاً على أن هذه المساحة كانت آهلة بالسكان والمزروعات في الزمن الغابر، وأن جفاف الينابيع التي تسقي سيحاً بالإضافة إلى الأسباب التي ذكرناها آنفاً يرجع إليها السبب في تسرّب الخراب والدمار إلى هذه المناطق.
ومما ينهض دليلاً على صحة هذا القول أن رجال شركة الزيت العربية الأمريكية عثروا أخيراً على صهاريج متصلة بعضها ببعض بأنفاق عليها فتحات في مواضع متعددة لاستقاء الماء منها.. عثروا عليها في القطيف والأحساء والفلج وأواسط نجد وأماكن أُخرى تعدّ اليوم من المناطق الصحراوية، كما وُجِدت على مقربة منها آثار قرى كانت عامرة ومزارع واسعة، مما يدل على أنها كانت غير ما كانت عليه الآن، وأنها كانت عامرة آهلة بالسكان.
وقد عُثر على آثار مدفونة خلال الحفريات أثناء مدّ خطوط أنابيب البترول، فكلّما حفروا بقعة في هذه المنطقة وجدوا خرائب مدفونة تحت الرمال، وأحياناً تكون بارزة على سطح الأرض، كما يشاهد قطع نقود وبقايا أوانٍ فخّارية قديمة منتثرة هناك، يجدها المتجول دون عناء. وإن هذه المساحات الواقعة جنوبي الخُبَر وبين الدمّام والخُبر، وكذلك الأراضي الصحراوية الواقعة غربي واحة القطيف وشماليها حتى مدينة الجبيل.. تكاد تمتلئ بالآثار التاريخية.
وقد دلّت الآثار التي اكتُشفت حديثاً في سواحل هذه المنطقة في ثاج وجاوان وتارُوت ونواحي القطيف على أنها كانت مهداً لشعوب عريقة في الحضارة، وحين تتاح لهذه المنطقة بعثة أثرية تقوم بأعمال التنقيب سيُزاح الستار من الناحية العلمية عن الوجه التاريخي القديم لهذه البلاد.
كانت هذه المنطقة الساحلية قبل اكتشاف الزيت ليس فيها من المدن المهمّة غير القطيف وضواحيها، وبعض القرى الصغيرة المنتثرة شمالاً وجنوباً. أما المدن القديمة التي يذكرها المؤرخون فقد اندثرت تماماً، ولم يبق لها أثر سوى خرائب وأطلال، وإلا ذكر عابر يمر عرضاً في كتب التاريخ. وقد ذهب الباحثون إلى أن هذه المنطقة ذات تاريخ قديم، يرجع إلى آخر عهد من عهود العصر النحاسي [6] .
فمن هذه المدن القديمة التاريخية مدينة بلبانا أو بلعانا إحدى مدن الجرهائيين الشهيرة، وإلى الجنوب منها بالقرب من العقير كانت تقع مدينة الجرهاء أو الجرعاء الشهيرة على بُعد مئتَي أستاذة [7] من الساحل.
ويصفها المؤرخون اليونانيون بأنها كانت في أرض سَبخة، وأن سورها وأبراجها كانت مبنية من صخور الملح، وأن محيطها يبلغ خمسة أميال، ويذكرون أن هذه المدينة كانت مركزاً من المراكز التجارية الخطيرة، وسوقاً من الأسواق المهمة في بلاد العرب، إذ كانت بحكم موقعها الاستراتيجي أيام ازدهارها همزةَ وصلٍ بين تجارة الشرق والغرب.
ويُضفي هؤلاء المؤرخون صورةً رائعة على هذه المدينة والحضارة، ولعلها كانت أبان ازدهارها عاصمة من أجمل عواصم هذا الإقليم، ويذكر أسترابون [8] أن أهلها يعتبرون من أغنى العرب: يقتنون الريِّاش الفاخرة، ويتمتّعون بكل أسباب الرخاء والترف، ويكثرون من آنية الذهب والفضّة والفرش الثمين، ويزيّنون منازلهم بالعاج والفضة والأحجار الكريمة، ويجمّلون سقوف أبنيتهم وأبواب غرفهم بالذهب والأحجار النفيسة الغالية.
ويذكر الهمداني في كتابه ( صفة جزيرة العرب ) أنه كان لبني تميم سوق على كثب تسمى الجرعاء يتبايع عليها العرب. وكما قلنا إن هذه المدينة كانت مركزاً تجارياً، وأنها سوق من الأسواق المهمة في بلاد العرب، فمن المحتمل أن تكون هذه السوق من بقايا أمجاد تلك المدينة التاريخية، كما يؤكد المستشرقون هذا الرأي، إذ ذهبوا إلى أنها هي نفسها التي تردّد ذكرها كثيراً في الشعر العربي.
وهناك مدينة مشهورة كانت عاصمة لهذه المنطقة تسمّى الزاره، وقد نالت شهرة واسعة في التاريخ الإسلامي منذ العصر الجاهلي، غير أنها في الوقت الحاضر اندرست ولم يبق لها أثر سوى اسم يطلق الآن على موضع بالقرب من قرية العواميّة أقيم عليه بضعة أكواخ، ويسمى فريق الزاره، ولعلها اندرست مند أن أحرقها ابو سعيد الجنابي القُرمطي في سنة 283 هـ في بداية حركته حينما استعصَت عليه، وكأننا لم نجد لها ذكراً بعد ذلك في كتب التاريخ.
أما بعد اكتشاف الزيت في هذه المنطقة فقد نشأت فيها بعض الأحياء تبعاً لبعض المراكز المهمة، ثم ما لبثت أن تحولت هذه الأحياء إلى مدن حديثة عامرة تزخر بالنشاط والحركة واكتملت فيها جميع مقومات التمدين، وأصبحت من أهم المدن في هذه المنطقة. فمنها:
وتقع إلى الجنوب الشرقي من مدينة « القطيف » على بعد 17 كم، وتقوم على منعطف الساحل من خليج كيبوس، لذلك ترى البحر يكتنفها من الشرق ومن الشمال، وقد كان لهذه المدينة تاريخ سياسي في أوائل القرن التاسع عشر، فقد كان من الموانئ المهمة، ولكنها خربت خلال ذلك القرن وأصبحت أثراً بعد عين.
وحتّى ذلك الوقت كانت بلدةً تابعة لمدينة القطيف، ثم تضاءلت أهميتها فيما بعد وطواها عالم النسيان، ولم تكن هذه المدينة شيئاً مذكوراً قبل لجوء قبيلة الدَّواسِر إليها سنة 1341 هـ ( 1922م )، فقد رحل هؤلاء من جزيرة البحرين على أثر وقوع أزمة حادة بينهم وبين الحكومة المحلية هناك اضطُرّوا بسببها إلى الجلاء، وقدموا لاجئين إلى هذه المنطقة، فقسمٌ منهم قطنوا الدمّام وابتَنَوا بعض الأكواخ بمساعدة إخوانهم من أهالي القطيف، فكوّنوا قرية صغيرة حيث أصبحت تابعة لمدينة القطيف.
ولكنها بعد فترة وجيزة حين اتّسعت أعمال شركة الزيت أُنشئت فيها السكة الحديدية والميناء واتّسع فيها العمران.. اتُّخِذت مقراً رئيسياً لإمارة المنطقة الشرقية لموقعها بما فيها الأحساء، بدلاً من مدينة الهُفوف سابقاً، وقد قامت بجانبها إلى الجنوب مدينة حديثة منظمة تابعة لها.
بضم أوله وفتح ثانيه، مدينة تقع على الساحل على بعد 10 كم إلى الجنوب باتجاه الشرق من الظَّهران، وتبعد عن الدمّام بـ 25 كم. وشأن هذه المدينة شأن مدينة الدمّام في تكوينها، فقد لجأ إليها قسم من قبيلة الدَّواسِر حين نزوحهم عن البحرين عام 1341 هـ وابتنوا بعض الأكواخ، شأنهم شأن القسم الآخر الذي قطن الدمّام، ثم ما لبثت أن اتّسعت شيئاً فشيئاً بحكم موقعها حتّى أصبحت مرفأ مهماً ونقطةَ اتصال بين تجارة البحرين وتجارة هذه المنطقة. وتُعتبر هذه المدينة اليوم من أحدث المدن في المنطقة الشرقية من حيث التنظيم واتساق الشوارع.
يقع جبل الظَّهران إلى الغرب من مدينة الخُبر على مسافة 10 كم، وهو جبل أجرد لا نبت فيه، تكتنفه رمال الصحراء من جميع جهاته. وتؤكد لنا المصادر التاريخية بأنه كان فيما مضى آهلاً بالسكان، عامراً بالقرى وحضارياً، وقد أشار إليه ياقوت في معجمه.. فوصفه بأنه بلدة لبني عامر بن عبدالقيس. وتطرّق إليه الفيروزآباديّ في قاموسه.. فذكر أنه بلدة بالبحرين. وتحدّث عنه الأصمعي، فزعم أن فيه عيوناً ونخيلاً كثيرة. ويظهر أن هذه البقعة تسرّب إليها الدمار بسبب الجفاف الذي طرأ على ينابيعها، فهلك فيها الزرع وهُجرت، وطَمَرت آثارَها الرمال.أما جبل الظَّهران في الوقت الحاضر فهو مزرعة تُنبِت الذهبَ الأسود، حيث تجري في حقولها أنهار البترول. وتُعدّ مدينة الظَّهران الآن من أحدث المدن وأجملها في هذه المنطقة.
تبعد عن مدينة القطيف 33 كم وعن الظهران 70 كم. وهذا المرفأ يعتبر الميناء الرئيسي لأعمال الشركة، حيث يجري فيه تفريغ البضائع وجميع مستلزمات أعمالها، كما تعبّ منه ناقلات البترول ملايينَ البراميل التي تزوّد شرايين الصناعة في أمريكا وأوروبا وآسيا.
موضع يقع في قلب الصحراء، يبعد عن الظهران إلى الغرب بـ ( 70 ) كم، ولم تكن له أهمية إلا منذ عام 1940 حين اكتُشف فيه حقل الزيت الذي يعتبر ثاني حقل في منطقة الامتياز، إذ يبلغ طوله 56 كيلومتراً وعرضه 8 كيلو مترات. وقد تركزت فيه حركة إنتاج الزيت لا سيّما حين اكتُشِف حقل الغوّار سنة 1948 الذي يعتبر من أكبر حقول الزيت في العالم، والذي يبلغ طوله 240 كيلومتراً وعرضه ما بين 20 و 24 كم، ويقع الطرف الشمالي لهذا الحقل على بعد 48 كم إلى الغرب من بقيق.
هذه أهم المواقع التي قامت فيها مُنشآت حديثة العمران، أما إذا رجعنا قليلاً إلى الوراء، أي إلى قبل ربع قرن تقريباً، فلسنا نجد في هذه المنطقة شيئاً ذا أهمية غير القطيف وضِيَعها وضواحيها،، فهي كانت شامخة بجلال القِدَم وروعة الماضي، تتحدّى تِيه الصحراء من جانب وغمرَ البحر من جانب آخر، وتبسط سلطانها على مناطق هذه السواحل كلها مُتبوّئة عرش المجد والسؤدد، فليس هناك من ينافسها في استراتيجيتها، فكانت مقر السلطة المحلية، وفيها مراكز الدوائر الحكومية، ومن إنتاجها الزراعي وإيراداتها الأُخرى تجود بالخير والعطاء، وليس ثمة سواها تنتجعها البوادي في طلب المؤونة، وترتادها السفن من أجل الزاد والماء وتتركز فيها حركة الاستيراد والتصدير.
وهذه المدينة قديمة جداً، ويستدل من الخرائب العادية التي تشاهد عندها على أن هذه المنطقة ذات تأريخ قديم يرجع إلى آخر عهد من عهود العصر النحاسي، أي في حدود 3500 قبل الميلاد.
ومدينة القطيف لا تختلف في حاضرها كثيراً عن ماضيها، فهي ما تزال محتفظة بطابعها القديم، فحاضرتها ـ وتسمّى « القلعة » ـ تقع على ساحل البحر بأبنيتها المتلاصقة، وطرقها الضيقة، شأنها شأن البلدان القديمة الأُخرى.
وحاضرتها « القلعة » تقع على منتصف الخط الساحلي الموازي للواحة، وكانت قديماً تسمى « جبرو » حيث كانت فيما مضي مخزناً للتوابل والعطور الواردة من جزيرة تاروت، بينما كانت الحاضرة حتى بعد ظهور الإسلام مدينة تسمّى « الزاره »، كما تذكر ذلك كتب التاريخ، تقع في نفس الموضع الذي يسمى الآن بفريق الزاره بالقرب من قرية العَواميّة.
ولعلّ موضع مدينة الخَطّ التي بناها أردَشِير بن بابك ( 226 ـ 241 ب.م ) هو نفس هذا المكان الذي تستقر عليه أبنية القلعة وتوابعها في الوقت الحاضر، كما يوحي لفظ الدروازة الفارسي الذي يطلق على كل بوّابة منها بتلك الصلة بينها وبين مؤسسها، ومن المحتمل أن مركز الثقل انتقل إليها بعد خراب الزاره سنة 283 هـ حينما أحرقها أبو سعيد الجنابي القُرمطي، فغدت حاضرة لهذه المنطقة بعد أن كانت بلدة صغيرة يسكنها صيّادو الأسماك.
والقلعة في ماضيها القريب أي منذ سنوات خَلَت، كم رأيناها يحيطها سورٌ قديم يبلغ سُمكه 7 أقدام، وارتفاعه 30 قدماً تقريباً، وتبرز بين جوانبه وزواياه أبراج عالية مستديرة الشكل، وكانت توصل هذه الأبراجَ التي يبلغ عددها أحد عشر برجاً جسورٌ ممتدة في أعلى السور لتتصل الحاميات بعضها ببعض أثناء قيامها بمهامها.
وكان لها أربعة أبواب، منها باب في الشرق تجاه المرفأ ويسمّى دروازة البحر، وباب في الغرب يصلها بالواحة ويسمّى دروازة باب الشمال، وباب الجنوب عند مدخل السوق ويسمّى دروازة السوق، وباب في الشمال يصلها بالكوت الذي يقع بجانبها إلى الشمال، وهو حصن صغير كان مقراً لجهاز الحكم في الأيام الماضية، وهذه الأبواب كانت تُفتح نهاراً وتغلق ليلاً.
وكان هذا السور حصيناً يصدّ عنها غزو البدو ويصونها من كيد الأعداء أما الآن فقد أُهمِل شأنه فأخذ في التداعي، فأزيلت أبوابه وأبراجه إذ فقد أهميته لاستتباب الأمن في ربوع هذه المنطقة. وتدلنا كتابة اللوحات المنقوشة الحديثة على أن هذا السور بُني في عهد السلطان سليم الثاني العثماني في القرن العاشر الهجري، بينما يبدو أنه أُسس قبل هذا التاريخ بزمن بعيد كما تُحدّثنا به رواية أبي الفداء.
ويحدّثنا السير أرنولد ولسن « بأن التُّرك بعد تغلّبهم على البرتغاليين واستيلائهم على القطيف، بمعونة أهاليها في منتصف القرن السادس عشر، أعاد البرتغاليون الكرّة من جديد، فتغلبوا على الترك، واستولوا على القطيف ودَكّوا قلاعها حتى ساوَوا بها الأرض. ثم ساروا إلى البصرة بأساطيلهم، غير أن الترك استأنفوا الكرّة حيث دَبّروا لهم مكيدة فأوقعوا بهم واستولَوا على القطيف كرّة أُخرى بعد قليل ». ويظهر أن الأتراك قاموا بإعاد بناء السور من جديد كما هو عليه الآن، إذ يصادف ذلك التاريخ عهد السلطان سليم الثاني.
وفي القلعة من الآثار التاريخية: جامع قديم يرجع بناؤه إلى القرن الثامن الهجري، وقد كُتب تاريخ بنائه على لوحة حجرية موجودة بداخله، وقد هُجر هذا الجامع وأُهمل فتداعى بنيانه، ولم يبقَ منه بصورة سليمة إلا مئذنته العالية التي تطلّ على الحاضر وضواحيها.
أما واحة القطيف فتتكون من غابة كثيفة من النخيل متصلة بعضها ببعض، ولا ينفصل عنها إلا بعض الضِّيَع والقرى القريبة منها، كجزيرة تارُوت وقرية الآجام وصفوى وأمّ الساهك والجبيل وبعض القرى الصغيرة التي تسكنها قبائل البادية، كأبي معن ودريدي وشعاب والنابية والعباء والرويحة. وهذه القرى تقع في قلب الصحراء، وهي قليلة السكان ويغلب على أهلها طابع البداوة. وتنتشر القرى وسط هذه الغابة الكثيفة المتصلة بعضها ببعض من الجنوب إلى الشمال، ويبلغ مجموعها 13 قرية هي على الترتيب من الجنوب إلى الشمال:
قرية كبيرة تقع في أقصى الواحة من الجنوب، وهي التي أشار إليها الشاعر جعفر الخطّي في قوله:
هلاّ سألتَ الربعَ من ومَجَرّ أرسانِ الجِياد كأنها حيث المسامعُ لا تكاد تفيقُ من |
سِيهاتِعن تلكمُ الفتيانِ فوق الصعيد مساربُ الحيّاتِ ترجيعِ نوتيٍّ وزجرِ حُداةِ | والفَتَياتِ
وإلى القرب منها موضع بينها وبين قرية الجشّ يُسمّى « الجعبة »، قيل إنه المكان الذي أقام عليه أبو طاهر القُرمطي بنايةً ووضع فيها الأسود سنة 317 هـ.
قرية صغيرة تقع على الساحل إلى الشمال من سِيهات، وكانت لها شهرة تاريخية، فقد تحدّث عنها المسعودي في كتابه ( التنبيه والإشراف ) فوصفها بأنها من مدن القطيف، وهي التي عناها الراجز في قوله:
طعنُ غلامٍ لم يَجِئكَ بالسَّمَكْ ولـم يُعلّل بخيـاشيمِ عَنَكْ
وأهلها يعتمدون في معيشتهم على صيد الأسماك، يسكن إلى جوارهم قبيلة بني خالد الذين سيطروا على القطيف فترة من الزمن، وكانوا يفدون إليها في الصيف هرباً من حرّ الصحراء، ويرحلون عنها في الخريف، وقد بدأ قسم منهم يتحضرون الآن ويستقرون. وفيها من الآثار التاريخية برج قديم يرجع بناؤه إلى عهد البرتغاليين.
قرية تقع إلى الشمال الغربي من سِيهات، وقد دبّت فيها حركة العمران في الوقت الحاضر.
قرية صغيرة تقع إلى ناحية الشرق من الجشّ.
تقع إلى الشمال من قرية الجش.
تقع هذه القرية إلى الشمال الغربي من أُم خمام قريباً من بر لبدراني الذي كان منطلقاً للحجاج أيام كانت الجِمال وسائطَ للنقل عبر الصحراء، وتستقر على مرتفع من الجبل الصلد.
تقع إلى الشمال من الجارودية.
تقع في وسط الواحة إلى الشقّ من الجارودية. والمشهور عن هذه القرية أن حشرة العقرب لا تعيش فيها، ويرجّح بعضهم هذه الظاهرة إلى رواية خلاصتها أنّ أحد رجالاتها الدينيين دَفن في أرضها رُقْية ضدّ هذه الحشرة، فانعدم منها منذ ذلك التاريخ.
تقع بالقرب من الحاضرة من ناحية الجنوب.
تقع في منتصف الواحة بمحاذاة الحاضرة من الغرب، هي مسقط رأس الشاعر المشهور جعفر الخطّي.
قرية تقع بالقرب من الحاضرة من ناحية الشمال.
قرية كبيرة تقع إلى الغرب من البحاري، تخطّى أسوارها العمران فملأ الموضع الذي يسمونها « الوادي »، وهو متسع من الأرض كان يستعمل لتجفيف التمور فازدحم بالأبنية على غير انتظام.
تقع في نهاية الواحة من ناحية الشمال، وكان أول من عَمّرها العوّامُ بن محمد بن يوسف الزجّاج في أوائل القرن الخامس الهجري، فنُسبت إليه، ولعلها نُسبت في الأصل إلى أبي الحسن بن العوّام زعيم الأزد وأمير الزاره.
أما الأجزاء التي تنفصل عن هذه الغابة الكثيفة فهي كما يلي:
تقع هذه الجزيرة في قلب خليج كيبوس، على بعد 6 كم إلى الجهة الشرقية من الحاضرة، واسمها الأصلي تيروس Tarrus الذي هو قريب من اسمها الحالي. أما اليونانيون فأطلقوا عليها اسم « تارو » Taro كما جاء في جغرافية بطليموس.
وكانت هذه الجزيرة موطناً قديماً للفينيقيين قبل نزوحهم إلى شواطئ البحر الأبيض المتوسط، فقد جاء في تاريخ لبنان، نقلاً عن بعض مؤرخي اليونان أنّ أهل هذه الجزيرة كانوا يُباهون بأنهم هم الذين أسّسوا صُور وأرواد. ولا تخلو هذه الجزيرة من بعض آثارهم، فقد عُثر منذ سنوات في أحد بساتينها على تمثال من الذهب الخالص للبَعْلة عَشْتَروت. وفي هذه الجزيرة من الآثار التاريخية قلعة متداعية من آثار البرتغاليين.
تقع في شرقي هذه الجزيرة قرية تسمى السَّنابِس، وأُخرى تسمى الزور، وفي طرفها الجنوب تقع بلدة دارِين الشهيرة التي كانت سوقاً من أسواقها التجارية والأدبية، ومرفأ مهمَّاً، وقد تردّد ذكرها كثيراً في الشعر العربي والتاريخ الإسلامي، فهي التي قال فيها الأعشى:
يمرّون بالدَّهنا خِفافاً على حين ألهى الناسَ جُلُّ أمورهِم |
عيابُهمويخرجن من دارِينَ بجرَ فنَدْلاً زريق المال نَدْلَ الثعالبِ | الحقائبِ
والتي عناها الفرزدق في شعره:
كأنّ تريكةً من ماء مزنٍ وداريَّ الذكيّ من المدامِ
وقد وصفها ياقوت بأنها فرضة بالبحرين يُجلب إليها المسك من الهند.
وإلى جانب هذه البلدة مرتفع على شكل هضبة، يقال إنه من بقايا تلك المدينة التاريخية. وترجع أهميتها في ذلك الوقت إلى كون أغلب سواحل هذه المنطقة ضحلة قليلة العمق لا تصلح للملاحة، أما حين أُنشئت الموانئ في المدن الساحلية، فقد فقدت دارِين أهميتها، لانعزالها في جزيرة ليس لها طريق بري يصلها ببقية المدن.
قرية كبيرة تنفصل عن الواحة بمسافة 4 كم تقريباً، وتبعد عن الحاضرة بـ 12 كم، واسمها التاريخي ـ كما يذكره المسعودي ـ صَفوان، كان يسكنها بنو حفص بن عبدالقيس. ولعل اسمها في الأصل مقتبس من نهر الصفا الذي يتخلج من عين محلّم ـ كما أشار إليه ياقوت ـ وقد ذكرها لبيد في شعره:
فرُحنَ كأنّ النادياتِ على الصَّفا بذي شَطَبٍ أحداجهم أن تحمّلوا |
مذارعها والكارعات الحوامِلا وحثّ الحداة الناجيات الدَّوامِلا |
وإلى القرب منها يقع مقلع جاوان الشهير، وهو من المواضع التي تزخر بالآثار التاريخية.
وقد اكتسبت هذه القرية أهمية خاصة لوقوعها مباشرة على خط الشارع الرئيسي الذي يصل الظهران بمنطقة رأس تَنّورة. ولقربها أيضاً من هذه المنطقة التي تتركز فيها أعمال مصافي البترول والميناء، والتي تبعد عنها مسافة 24 كم.
بلدة قديمة تبعد عن الحاضرة بـ ( 35 ) كم، وتبعد عن صفوي إلى الشمال بـ ( 23 ) كم، وتقع على الساحل بالقرب من خليج المسلمية. وأغلب الظن أن تأريخها يرجع إلى عهود الفينيقيين، كما يدل على ذلك اسمُها. ويبدو أنهم نقلوا هذا الاسم ذاته حين هاجروا إلى لبنان، وأطلقوه على بلدة أسسوها هناك تقع شمالي بيروت والتي هي من أقدم مدنهم في السواحل اللبنانية. ويذهب بعضهم إلى أنها بلدة أم عينين الشهيرة التي تردّد ذكرها في التاريخ العربي، وهي في حاضرها بلدة صغيرة قليلة السكان، وقد هاجر كثير من أهلها إلى أنحاء هذه المنطقة.
ضيعة تقع في قلب الصحراء إلى الجهة الغربية من الواحة على بعد 5 كم، وفيها مسجد أثري لأحد الأولياء. ولعل لاسم هذه القرية صلة بالآجاميين الذين رحلوا مع سليمان القرمطي عند رجوعه من هِيت سنة 317 هـ، وقد انتظموا في جيشه فعُرِفوا بالآجاميين.
ضيعة تقع بالقرب من صَفْوي إلى جهة الغرب.
وهناك بعض القرى الصغيرة الشبيهة بها والتي يغلب عليها طابع البداوة، منتثرة في الصحارى المجاورة كأبي معن، ودريدي، وشعاب، والرويحة، والنابية، والعباء، وهي ضئيلة الأهمية قليلة السكان.
ومن الملاحظ أن جميع قرى القطيف كانت محاطة بأسوار ذات أبراج على شاكلة القلعة، تقي سكانَها من سطو البدو وغاراتهم المتتالية في الأيام السالفة. أمّا الآن فقد أُهمل شأنها، فتداعى بناؤها، لاستتباب الأمن في ربوع هذه المنطقة.
ومن الجدير بالذكر أن نشير إلى أنّ الغالبية العظمى من سكان القرى الفلاحين يسكنون البساتين، بعضهم بصورة دائمة، والبعض الآخر يتخذها مصيفاً حيث يرحل عنها في الشتاء إلى القرية.
إن أغلبية سكان القطيف الساحقة من الشيعة الذين يؤلفون 96%. وإذا استثنينا أهالي قرية دارِين والجبيل وأمّ الساهك وقرى البادية المنتثرة في صحاريها والقبائل الرحّل، فإن جميع أهالي القطيف وقراها كلهم من الشيعة، وليس بينهم من ينتمي إلى مذهب آخر.