قصيدة  الاستاد حسين بن المرحوم الحاج حسن آل جامع في أربعين فقيد المنبر الملاعبدالرسول البصارة رحمه الله.

نَفَخْـتَ حُـزنَـكَ فــي الأنـفـاسِ إعـصـارا      فَـعــادَ يَـعْـصِـفُ فِـــي الأرواحِ مَــــوَّارا
يا مَنْ تَشكّلَ منْ طِينِ "الحُسَينِ" هَوًى      فــي رَحْـــمِ مِـنْـبَـرِهِ الـقُـدْسِـيِّ أَطْـــوارا
خَمْسُـونَ عَامًـا عَلَـى "كُرسِـيِّ جَامِعـةٍ      كأَنَّـك الشَّـمـسُ تُـثْـرِي الـكَـونَ أَنــوارَا
خَمْسُـونَ عامًـا وَأنـتَ الطَّـفُّ تُسرِجُـهـا      لِلْـعـاشِـقِـيـنَ .. مَــنـــاراتٍ وَأَسْـــــرَارا
أَردَفــتَ فَــوقَ بُــراقِ الـحُــزْنِ أَدْمُـعَـنـا      فـآنَـسَـتْ مِـــنْ نَـواعِــي كَـربَــلا نَــــارا
وأَنــتَ تُشْـعِـلُ فِــي الأَحْـــداقِ جَـذْوَتَـهـا      فَـــلا تَـطَـيـقُ لِـغَـيـرِ الــطَّــفِّ إبْــصــارا
"عَبـدَ الرَسُـولِ" وَبِــي أَوجــاعُ قَافِـيَـةٍ      تُــــؤَرِّقُ الـــــرُوحَ آهـــــاتٍ وتِــزفـــارا
تَـعِـيــشُ يَــومَــكَ مَـحْـفُــورًا بِـأَحْـرُفِـهـا      غَـــداةَ نَـعْـشُـكَ فِــــي آَلامِــهَــا سَــــارا
كَـأنّـهـا فِـــي غِـمــارِ الـخَـطْــبِ فَــاقِــدةٌ      تَسَرْبَـلَـتْ مِــنْ أَسَــى تــارُوتَ أَطـمـارا
فَأَبَّـنَـتْـكَ ، وعـــادتْ والـجَــوَى حُــــرَقٌ      ومَا قَضَتْ مِنْ فُروضِ العِشـقِ أَوطـارا
فَـدَيْـتُ نَعْـشَـكَ مَغْـمُـورًا بِسَـيْـلِ جَـــوًى      مِــــنَ الـجَــوانِــحِ آَمـــــالاً وأَعْــمـــارا
يَمُـورُ فِـي لُجَـجِ الأَجْفـانِ ، يَـغـرَقُ فِــي      وَجْــدِ الرَحِـيـلِ وقـــدْ أزمَـعْــتَ إِبْـحــارا
وأَنـــتَ تَـسْـتَـشـرِفُ الأرواحَ عــارِجَــةً      عَـلَــى الأَكُـــفِّ وقَــــدْ أَمَّــتْــكَ إِكْــبــارا
تِلـكَ الأكُـفُّ التِـي فِــي لَثْـمِـهِ ازدحَـمَـتْ      كـانـتْ لإِيـقـاعِ لَـحْـنِ الـعِـشْـقِ أَوتـــارا
غَـــدَوتَ تَـقْــرأُ فِـــي آمـاقِـهِـا قِـصَـصًـا      مِــنَ الـوَفـاءِ ، ومِــنْ ذِكْــراكَ أَذكـــارا
تَكـادُ حَتَّـى الخُطَـى تَبْـكِـي عَلَـيـكَ أَسًــى      وكُـنـتَ تَرسِـمُـهـا فِـــي الـــدَربِ آَثـــارا
لَــمْ يُفْـلِـحِ الـمَـوتُ أنْ يُخْفِـيـكَ وَاعِـيَــةً      عَلَى "البَتُولِ" وَسَـوطُ البَغْـيِ قَـدْ جَـارا
فَــشَــقَّ صَــوتُـــكَ أَرواحًـــــا وأَفْــئِـــدَةً      وأَنـــــتَ تَـنْـدِبُـهــا شَــجْـــوًا وَإِنــكـــارا
وأنـتَ تَسْتَصْـرِخُ "المَهْـدِيَّ" مِــنْ أَلَــمٍ      مَـتَــى تَـهُــبُّ لِـحَـمْـلٍ مُـسْـقَـطٍ ثـــارا ؟!
عَـقَـدتَــهُ مَـأتَــمًــا يَــسْـــرِي ومِـنْــبَــرُهُ      نَــعْــشٌ تَـجَـلْـبَـبَ بِالـجُـثـمـانِ أَنْـــــوارا
نَـعْــشٌ يُـبَـلِّـغُ فِـــي صَــمْــتٍ رِسـالَـتَــهُ      فَيَـغْـتَـدِي مَـثَــلاً فِـــي الـنــاسِ سَــيّــارا
عَمِيـدَ مِنبَـرِ صَــوتِ الـطَّـفِّ فِــي وَطَــنٍ      تَــشَــرَّبَ الــطَّـــفَّ إِيـمــانًــا وأَفــكـــارا
طـافَــتْ بِـنــا ذِكـريــاتٌ كُـنــتَ تَـنـثُـرُهـا      عَـــلَـــى خَـمـائِـلِـنــا وَردًا وأَزهـــــــارا
أَيــامَ كُـنَّـا نُــرَوِّي الـــرُوحَ مِـــنْ ظَـمَــأٍ      نَــشُــدُّ نَــحــوَكَ أَسْـمـاعًــا وأَبْــصـــارا
عَلَـى ضِفـافِ "حُسَـيـنٍ" فَــوقَ مِنْـبَـرِهِ      كَـمـا الغَـمـامِ تُـمِـيـرُ الـجَــدْبَ أَمْـطــارا
دَعَـــوْتَ للهِ .. لَــكِــنْ فِــــي حَــنــانِ أَبٍ      وقَــدْ سَلـكْـتَ هــدَى الأَبــرارِ مِضـمـارا
ورُحْـــتَ تُـلْـهِـمُ هَـــذَا الـجِـيـلَ مَـعْـرِفَـةً      تَـشُــدُّ نَـحْــوَ جَـمــالِ الـوَحْــيِ أَنــظــارا
تَـبُـوحُ بالـوَعْـيِ فِــي لُـطْـفٍ وفِـــي أَدُبٍ      وقَـد شَحَـذتَ الـرُّؤَى عَـزمًـا وَإِصْــرارا
تَـــذُودُ مِـــنْ فِــتَــنِ الـتَـغْـرِيـبِ غـائِـلَــةً      قَدْ أَوْغلَـتْ فِـي الشَبـابِ الغَـضِّ أَظفـارا
فَـمـا وَهِـنْـتَ عــنِ التبْـلِـيـغِ يَـــا عَـلَـمًـا      ومـــا اسْتَـكَـنْـتَ ، ولاَ أَبْـدَيْــتَ أَعـــذارا
وكَـيْـفَ يُـوْهَــنُ عَـزمًــا مَـــنْ تُـبـارِكُـهُ      رُوحُ الـشَّـهِـيــدَةِ إعْــلانًـــا وإســـــرارا
يـا مَـنْ رَحَـلْـتَ عَــنِ الدُنـيـا وزُخْرُفِـهـا      وكـــــانَ وَعْـــــدُكَ جَــنّـــاتٍ وأَنــهـــارا
مــا غِـبْـتَ عَـنّــا ، وإن فارقْـتَـنـا فَـلَـقَـدْ      خَلَّفْـتَ ذِكْــرًا كَــرَوْضِ الْــورْدِ مِعْـطـارا
رَبَّيْـتَ جِـيـلاً عَـلَـى التَـقـوَى ، وكَوكَـبَـةً      مِــنَ الـدُعــاةِ إلـــى الأطـهــارِ أَخـيــارا
وكُـنْـتَ يـــا دَمِـــثَ الأَخـــلاقِ مَـدرَسَــةً      وفَـرْقَــدًا فِـــي سَـمــاءِ الـخَــطِّ نَــــوَّارا
أَسَـرْتَ نَبْـضَ قُـلـوبِ الـنَـاسِ فاتّجَـهـتْ      إلـــــى مَــــــدارِكِ آمــــــالاً وأَفـــكـــارا
وكــــانَ تَشْـيـيـعُـكَ الأخّـــــاذُ مَـلـحَـمَــةً      أَمــاطَ عــنْ مَـجْـدِكَ الـوضّـاءِ أَسـتــارا
مَـولايَ .. لَـوْ عُـدتَ حَيًّـا بَـيـنَ أَظْهُـرِنـا      ونَـحـنُ نَسْـكُـبُ وَجــدَ الـقَـلـبِ أَشْـعــارا
ونَـحــنُ فِـــي مَـحـفَـلِ الـذِكْــرَى يُقَلِّـبُـنَـا      جُــرْحُ الـفِـراقِ ويُـذْكِـي رُوحَـنــا نَـــارا
لَقُـلْـتَ:لا تَندِبُـونِـي ! مــنْ أَكُــونُ أَنــا ؟      إذا اسْتَـثـارَ الشَـجَـى بـابًـا ومِـسـمـارا!
صُبُّوا الدُموعَ عَلَـى ضِلْعَيـنِ قَـدْ هُشِمـا      غَــداةَ قـابَـلَ وَجْــهُ الـصُـبْـحِ إِعْـصــارا
عَـلَــى الجَـنِـيـنِ الـــذي أَردَوْهُ مُـنْـجَـدِلاً      ولـــمْ يَـنَــلْ مِـــنْ حَـنــانِ الأُمِّ مِــقْــدارا
عَـلَــى الـكَـمِـيِّ الـــذي قـادَتْــهُ أَغـلِـمَـةٌ      كـأَنـهُ لَــمْ يـكُـنْ فِــي الـحَـربِ كَـــرّارا !
عَلَـى "البَتُـولِ" التِـي لَـوْ أَنّهـا كَشَـفَـتْ      عَــنْ رَأسِـهـا لَــمْ تَــذَرْ لِـلـجَـورِ دَيّـــارا
لكِنَّـهـا بَضـعَـةُ " الـهَـادِي " ورَحـمَـتُـهُ      وطـالَـمـا رَحِــــمَ الأَبــــرارُ أَشــــرارا !
مـنْ عـاشَ حُزنَـكِ يـا زَهـراءُ فِـي دَمِـهِ      وَافَــى لَــدَى سَـكـراتِ الـمَـوتِ أَنـــوارا